فصل: قال المقريزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما قلنا جعَل الإِضلال المنسوب إِلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن. بل نفى عن نفسه إِضلال المؤمن فقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ}. {وَالَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}.
وقال في الكافرين: {وَالَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}. {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}.
وعلى هذا النحوتقليب الأَفئدة والأَبصار في قوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ}. والخَتْم على القلب في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ}. وزيادة المرض في قوله: {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}. اهـ.

.فصل في صفة النبي صلى الله عليه وسلم:

.قال المقريزي:

فصل في ذكر صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ربعه. بعيد ما بين المنكبين. أبيض اللون مشربا حمرة. يبلغ شعره شحمة أذنيه. وكان شعره فوق الجمة. ودون الوفرة. ودخل مكة وله أربع غدائر. وكان سبط الشعر. في لحيته كثافة ومات صلى الله عليه وسلم ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة. وكان ظاهر الوضاءة. يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر. وكان كما وصفته عائشة رضي الله عنها بما قاله شاعره حسان بن ثابت رضي الله عنه:
متى يبد في الداجي البهيم جبينه ** يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أوقد يكون كأحمد ** نظام لحق أونكال لملحد

وكما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول إذا راه صلى الله عليه وسلم:
أمسى مصطفى بالخير يدعو ** كعضوالبدر زايله الظلام

وكما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينشد إذا راه:
لوكنت من شيء سوى ** بشر كنت المعني لليلة البدر

وكان أبيض اللون. ليس بالأبيض الأمهق ولا بالادم. أقنى العرنين. سهل الخدين. أزج الحاجبين أقرن. أدعج العينين. في بياض عينيه عروق حمر دقاق. حسن الخلق معتدلة. أطو ل من المربوع وأقصر من المشذب. دقيق السرة. كأن عنقه إبريق فضة. من لبته إلى سرته شعر يجري كالقضيب. ليس في بطنه ولا صدره شعر غيره. شثن الكف والقدم. ضليع الفم أشنب. مفلج الأسنان. بادنا متماسكا سواء البطن والصدر. ضخم الكراديس. أنور المتجرد. أشعر الذراعين والمنكبين. عريض الصدر طويل الزندين. رحب الراحة. شائل الأطراف خمصان. بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمام يشبه حسده. إذا مشى كأنما يتحدّر من صبب [10] وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر [11]. وإذا التفت التفت جميعا. كأن عرقه اللؤلؤ. ولريح عرقه أطيب من ريح المسك [12].
الفخم المفخم: هو العظيم المعظم في الصدور والعيون.
المشذب: الطويل الّذي ليس بكثير اللحم.
الرجل الشعر: الّذي في شعره تكسر. فإذا كان الشعر منبسطا قبل شعر سبط.
والعقيقة: الشعر المجتمع في الرأس.
الأزهر اللون: النير.
أزج الحواجب: أي طويل امتدادهما لوفور الشعر فيهما وحسنه إلى الصدغين.
الأشم: الّذي عظم أنفه طويل إلى طرف الأنف.
وضليع الفم: كبيره. والعرب تمدح بذلك وتهجوبصغره.
والدمية: الصورة وجمعها دمي.
بادن متماسك: أي تام خلق الأعضاء ليس بمسترخي اللحم ولا كثيره.
وقال عند أم سليم فعرق. فجاءت بقارورة فجعلت تسكب العرق فيها. فاستيقظ صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم. ما هذا الّذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب من الطيب. وكان في صوته صهل وفي عنقه سطع. إن سكت فعليه الوقار. وإن تكلم سماه وعلاه البهاء. أجمل الناس وأبهاه من بعيد. وأحلاه وأجمله من قريب. حلوالمنطق خافض الطرف. نظره إلى الأرض أطو ل من نظره إلى السماء يسوق أصحابه. ويبدأ من لقيه بالسلام. أجود الناس كفّا. وأرحب الناس صدرا. وأصدق الناس لهجة. وأوفى الناس بعهده. وألينهم عريكة. وأكرمهم عشرة. من راه بديهة هابه. ومن خالطه معرفة أحبّه.
يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.

.فأما صفة رأسه المقدس:

فقد خرج أبو عيسى الترمذي من حديث جميع بن عمر العجليّ قال: حدثني رجل عن ابن لأبي هالة عن الحسن بن على عن خاله هند بن أبي هالة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الهامة.
وقال شريك عن عبد الملك بن عمير بن نافع بن جبير قال: وصف لنا عليّ رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان عظيم الهامة.

.وأما وجهه الكريم:

فخرج البخاري من حديث عن إسحاق بن منصور قال: أخبرنا إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق. قال: سمعت البراء يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا. ليس بالطويل الذاهب. وليس بالقصير.
وقال البخاري: ليس بالطويل البائن. ذكره في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم.
وخرجه ابن أبي خيثمة. من حديث إبراهيم بن يوسف كما رواه مسلم والبخاري والترمذي من حديث أبي نعيم. حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال: سئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال لا. مثل القمر. قال: هذا حديث حسن.
ولمسلم من حديث أبي بكر بن أبي شيبة عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن سماك. أنه سمع جابر بن سمرة قال له رجل: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه كالسيف؟ قال جابر: لا. مثل الشمس والقمر مستديرا.
وقال المحاربي عن أشعث عن أبي إسحاق عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أضحيان وعليه حلّة حمراء. فجعلت انظر إليه وإلى القمر. فلهوأحسن كان في عيني من القمر. وفي لفظ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أضحيان. وعليه حلة حمراء. فجعلت أماثل بينه وبين القمر.
وخرج البخاري من حديث يحيى بن بكير. أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. أن عبد الله بن كعب- وكان قائد كعب من بنيه حين عمى- قال: سمعت كعب بن مالك يقول: لما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر. وكنا نعرف ذلك منه.
وخرج أيضا من حديث يحيى عن عبد الرّزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن ابن شهاب عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا وأسارير وجهه تبرق فقال: ألم تسمعي ما قال مجزر المدلجي. ورأى زيدا وأسامة قد غطيا رءوسهما. وبدت أقدامها. فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بضع. وخرّجه مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرّزاق. وقال أبوإسحاق الهمدانيّ عن امرأة من همدان سمّاها قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم مرات فرأيته على بعير له يطوف بالكعبة. بيده محجن. عليه بردان أحمران يكاد يمس منكبه. إذا مر بالحجر استلمه بالمحجن. ثم يرفعه إلى فمه فيقبله. قال أبوإسحاق: فقلت لها شبّهيه. قالت: كان كالقمر ليلة البدر. ولم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.
وخرّج عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي من حديث أسامة بن زيد عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قلنا للربيع بنت معوذ: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لورأيته لقلت: الشمس طالعة.
وفي حديث هند بن أبي هالة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر. خرجه الترمذي.
وفي حديث علي رضي الله عنه: كان في وجه رسول الله تدوير. ولاحمد من حديث عبد الرازق قال: أخبرنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر ابن سمرة يقول: كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مستديرا.
وفي حديث أم معبد قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه (تعنى مشرق الوجه مضيئة). ومنه: تبلج الصبح إذا أسفر.
وفي حديث هند بن أبي هالة: كان سهل الخدين. وقال قتادة: ما بعث الله نبيا إلا بعثه حسن الوجه وحسن الصوت. حتى بعث نبيكم صلى الله عليه وسلم فبعثه حسن الوجه حسن الصوت. ولم يكن يرجّع. ولكن كان يمد بعض المد.

.وأما صفة لونه:

فخرج البخاري في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم من حديث يحيى بن بكير قال:
حدثني الليث عن خالد عن سعيد ابن أبي هلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال:
سمعت أنس بن مالك يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان ربعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير. أزهر اللون. ليس بأبيض أمهق. ولا بأدم. ليس بجعد قطط. ولا سبط رجل. أنزل عليه وهو ابن أربعين. فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه:
وبالمدينة عشر سنين. وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء. قال ربيعة.
فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر. فسألت. فقيل: أحمر من الطيب.
ولمسلم من حديث إسماعيل بن جعفر وسليمان بن بلال. كلاهما عن ربيعة عن أنس أنه سمعه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. وليس بالأبيض الأمهق ولا بالادم. ولا بالجعد القطط. ولا بالسبط. كان أزهر. بعثه الله على رأس أربعين سنة. فأقام بمكة عشر سنين. وبالمدينة عشر سنين. وتوفاه الله على دابر ستين سنة. وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
لم يقل في حديث إسماعيل على رأس ستين سنة. قال الحافظ أبونعيم: هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه. رواه عن ربيعة يحيى بن سعيد الأنصاري. وعمرو ابن يحيى المازني. وعبادة بن غزية. وسعيد بن هلال وأسامة بن زيد. ونافع بن أبي نعيم. ومحمد بن إسحاق. وعبد الله بن عمر. وفليح. وأبوأويس. وعبد العزيز الماجشون. والدرأو رديّ: والثوري. ومالك والأوزاعي. وسعد. وأبو بكر ابن عياش. وقرة بن جبريل. وأبوزكين. وأنس بن عياض. ومنصور بن أبي الأسود. وإبراهيم بن طهمان في آخرين.
وخرّج الترمذي من حديث عبد الوهاب الثقفي عن حميد عن أنس. قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم ربعة. ليس بالطويل. ولا بالقصير. حسن الجسم. أسمر اللون. كان شعره ليس بجعد ولا سبط. إذا مشى يتوكأ. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.
ولمسلم من حديث الجرير عن أبي الطفيل قال: قلت له: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. كان أبيض مليح الوجه.
وله أيضا من حديث الجرير عن أبي الطفيل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل راه غيري. قال: قلت: فكيف رأيته: قال: كان أبيض مليج الوجه مقصدا.
وخرجه ابن أبي خيثمة والبخاري ومسلم من حديث محمد بن فضيل عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شاب. وكان الحسن بن على يشبهه.
ولأبي داود الطيالسي من حديث عثمان بن عبد الله بن عزيز عن نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشربا وجهه حمرة. قال البيهقي. ويقال إن المشرب بالحمرة ما أضحى للشمس والرياح. وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر.
وقال ابن إسحاق عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم. عن أبيه أن سراقة بن جعشم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان راكبا على ناقته. انظر إلى ساقه كأنها جمّارة.
وخرج الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي من حديث مزاحم بن أبي مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن محرش الكعبي قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ليلا فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة.
وخرج من حديث ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان شديد البياض.
وللترمذي في الشمائل من حديث صالح بن أبي الأخضر عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض كأنما صيغ من فضة. رجل الشعر قلت: صالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري. قال ابن معين:
ليس بشيء في الزهري. وفي رواية صالح بن أبي الأخضر بغير ضعيف.
وقال ابن المبارك: أخبرني رشدي بن سعد قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي يونس مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة قال: ما رأيت شيئا أحسن من النبي صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه. وما رأيت أحدا أسرع في مشيته منه. كأن الأرض تطوى له. إنا لنجتهد وإنه غير مكترث.
وخرجه أبو عيسى الترمذي من حديث قتيبة قال: أخبرنا ابن لهيعة عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ما رأيت شيئا أحسن من النبي صلى الله عليه وسلم.
وخرجه تقي بن مخلد من حديث حرملة قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا يونس مولى أبي هريرة حدثه عن أبي هريرة أنه سمعه يقول:
ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. كأنما الشمس تجري في وجهه. وما رأيت أحدا أسرع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشيته كأنما الأرض تطوى له. إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث.
قال الترمذي: هذا حديث غريب: قال مؤلفه: إسناد تقي هذا الحديث أجود من إسناد الترمذي. وإسناد تقي على شرط مسلم.
وقد روي مسلم عن حرملة بن يحيى هذا غير ما حدثت. ولم يخرج هو ولا البخاري من حديث ابن لهيعة شيئا.
وخرّج مسلم من حديث محمد بن جعفر قال: أخبرنا شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم. أشكل العينين. منهوس العقبين.
قال: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. قلت. ما أشكل العينين؟ قال. طويل شق العينين. قلت: ما منهوس العقب؟ قال: قليل لحم العقب.